عبدالله المقرن
أمرنا الله سبحانه وتعالى بالاعتدال في جميع الأمور، ومن ذلك الاعتدال في المأكل والمشرب، فقال تعالى : {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، وفي سائر ما نحتاج إليه من نفقة أيضاً، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.
والأزواج يتفاوتون في تطبيق المنهج الرشيد في إنفاق المال، إلا أن سمة التضاد بين الأزواج هي شح الرجال وإسراف الزوجات، وعادة ما تكون الشكوى بين الزوجين في هذين الأمرين، فتهمة الزوجات لأزواجهن الشح والبخل والإمساك، وتهمة الأزواج للزوجات بالإسراف والتبذير.
وديننا الإسلامي بكماله وتمامه -ولله الحمد- أرشدنا إلى المنهج القويم في الإنفاق، كما دلت الآيات الكريمة السابقة، فلا إسراف ولا تقتير، وإنما الاعتدال في سائر أمورنا وحياتنا ومتطلباتنا ومعاملاتنا. ديننا لم يدع شيئاً فيه مصلحة إلا وأمرنا به، وما من أمر فيه مفسدة ومضرة إلا نهانا عنه، فهو دين الخير للبشرية جمعاء، فما من شيء فرضه الله علينا إلا وفيه صالحنا، وما من شيء نهينا عنه إلا وفي تركه الخير، وفي اقترافه الشر.
والإسلام حينما ينهى عن الإسراف في كافة شؤون الحياة لأنه يدرك أثر هذا الإسراف مستقبلاً، بل إن الرسول الكريم أرشدنا إلى الاقتصاد في استخدام الماء، فقال : «لا تسرف ولو كنت على نهر جار»، فكيف بالإسراف في ميزانية البيت التي لا تقارن بالنهر الجاري.
والقصد والتوازن مطلب أساسي في حياة الناس، وبخاصة بين الزوجين، وإذا كانت الزوجات مطالبات بالاعتدال في مصاريف المنزل والأسرة، من ملبس ومأكل.. فإن بعض الأزواج مطالبون أيضاً في الإنفاق على أهل بيتهم وفقاً لإمكاناتهم، وأحوالهم المادية، وباعتدال دونما شح أو إسراف وتبذير، يقول المولى عز وجل : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}، فالاعتدال في النفقة واجب، فلا ينزل إلى حد البخل والتقتير على نفسه وأهله، ولا إلى الإسراف والتبذير، وديننا دين الوسطية والاعتدال في كل الأمور، فلا تضييق إذاً على الأهل، والتقصير معهم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله».
فعلى الرجل ألا يبخس حقوق أهله، ومن بينها النفقة الطيبة المباركة التي يكون مصدرها حلالاً، ثم يطعمهم ويكسيهم من الطعام الطيب، والملبس الجميل، والإحسان إليهم. وعلى المرأة ألا تثقل على زوجها بكثرة طلباتها، والإسراف في مال زوجها، وأن تتقي الله سبحانه وتعالى في زوجها، وفي ماله